الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فالرقية الشرعية هي ما اجتمع فيها ثلاثة أمور:
1 - أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية شرطاً وهو: أن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه: فكل اسم مجهول فليس لأحد أن يَرقي به فضلاً عن أن يدعو به ولو عرف معناه؛ لأنه يُكره الدعاء بغير العربية، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية، فأما جعل الألفاظ الأعجمية شعاراً فليس من دين الإسلام.
3 -أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى.
فإذا كانت هذه الشروط الثلاثة مجتمعة في الرقية فهي الرقية الشرعية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا بأس بالرُّقى ما لم تكن شركاً. رواه مسلم.
وإن أنفع الرقية وأكثرها تأثيراً رقية الإنسان نفسه؛ وذلك لما ورد في النصوص على عكس ما اشتهر عند كثير من الناس من البحث عن قارئ ولو كان عامياً أو مشعوذاً.
وسورة الفاتحة من أنفع ما يُقرأ على المريض، وذلك لما تضمنته هذه السورة العظيمة من إخلاص العبودية لله والثناء عليه -عز وجل- وتفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النعم؛ ولما ورد فيها من النصوص مثل رقية اللديغ الواردة في صحيح البخاري.
-عند رقية المريض يقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك. رواه مسلم.
وإذا اشتكى ألماً في جسده يضع يده على موضع الألم ويقول: بسم الله (ثلاثاً) ويقول: (سبع مرات): أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. رواه مسلم.
والرقية الشرعية تنفع من العين والسحر والمس، وكذا الأمراض العضوية.
وقد تكون الإصابة من العين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين. رواه مسلم.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أو أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم أن نسترقي من العين. رواه البخاري.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة جارية في وجهها سفعة فقال: استرقوا لها؛ فإن بها النَّظرة. رواه البخاري.
وإذا عُرف العائن فيُؤمر بأن يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك: أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل فقال: والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة: قال: فلبط سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت. اغتسل له. فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه؛ فراح سهل مع الناس. رواه مالك.
ومما يقي من شر العين المحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية، والتوكل على الله تعالى.
هذا، ومن أنفع ما يقي من السحر بل ومن كل شر: المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين عقب كل صلاة وعند النوم، وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة.
ولمزيد من التفصيل في هذا المقام يراجع السؤال: 502.
والله أعلم.