الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الرجل كما ذكرت فأقدمي على الزواج ولا تترددي، وليس سماعه للأناشيد بقادح فيه ما لم يكن فيها ما هو محرم كالمزمار ونحوه، وأما الدف فمباح للرجال والنساء استماعاً وضرباً، لقوله صلى الله عليه وسلم: فصل ما بين الحلال والحرام الصوت وضرب الدف. رواه أحمد والنسائي والبيهقي والحاكم في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص صحيح وحسنه الترمذي، ولما رواه الترمذي والبيهقي وغيرهما عن بريدة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله صالحاً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب.... الحديث.
وإلى جوازه ضرباً واستماعاً في حق الرجال والنساء ذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وذهب الحنفية إلى كراهته في حق الرجال كراهة تحريمية، جاء في رد المحتار لابن عابدين الحنفي قوله: ضرب الدف فيه –أي العرس- خاص بالنساء.... وهو مكروه للرجال على كل حال للتشبه بالنساء.
وقال ابن عابدين أيضاً: واستماع ضرب الدف والمزمار وغير ذلك حرام، وإن سمع بغتة يكون معذوراً، ويجب أن يجتهد أن لا يسمع. انتهى.
وفي مختصر خليل: وكره نثر اللوز والسكر لا الغربال ولو لرجل.
وفي حاشية الدسوقي: فلا يكره الطبل به ولو كان الطبل به صادراً من رجل، خلافاً لأصبغ القائل بالمنع.
وفي غاية المنتهى لمرعي الكرمي الحنبلي: يسن إعلان نكاح وضرب فيه بدف مباح لنساء ولرجال.
قال الرحيباني في شرح الغاية: والمذهب ما قاله المصنف.
وقال الإمام النووي في المنهاج: ويجوز دف لعرس وختان، وكذا غيرهما في الأصح وإن كان فيه جلاجل.
وقال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ولا فرق بين ضربه من رجل أو امرأة، وقول الحليمي يختص حله بالنساء رده السبكي. انتهى.
هذا ما ذهب إليه الشافعية من جواز ضرب الدف مطلقاً في المناسبات وغيرها.
وذهب المالكية: في المشهور إلى قصر جواز ضرب الدف على العرس، قال الدسوقي في حاشيته: وأما في غير العرس كالختان والولادة، فالمشهور عدم جواز ضربه، ومقابل المشهور جوازه في كل فرح للمسلمين. انتهى.
وذهب الحنابلة إلى جوازه في الختان والولادة وقدوم الغائب والعرس، قال البهوتي في كشاف القناع: وضرب الدف في الختان وقدوم الغائب ونحوهما، كالولادة (كالعرس) لما فيه من السرور.
والله أعلم.