الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام عملك مباحا، وأنت محافظة على حدود الشرع، وآدابه في خروجك إليه؛ فكل ما ذكرت من نفع أمك وأختك المحتاجة، ومن الاقتداء بك في اللبس المحتشم، والصدقة؛ يعتبر مقاصد حسنة، ونيات صالحة، تؤجرين عليها -إن شاء الله تعالى-.
ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله يقول: طلقت خالتي، فأرادت أن تجد نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: بلى فجدي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي، أو تفعلي معروفا.
وفي السنن الكبرى للبيهقي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-تبوكا، فمر بنا شاب نشيط يسوق غنيمة له فقلنا: لو كان شباب هذا، ونشاطه في سبيل الله؛ كان خيرا له منها، فانتهى قولنا حتى بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما قلتم؟ قلنا: كذا وكذا، قال: أما إنه إن كان يسعى على والديه، أو أحدهما؛ فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على عيال يكفيهم؛ فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه؛ فهو في سبيل الله -عز وجل-.
وقال الغزالي -رحمه الله- في إحياء علوم الدين: وإنما تتم شفقة التاجر على دينه بمراعاة سبعة أمور: الأول: حسن النية والعقيدة في ابتداء التجارة، فلينو بها الاستعفاف عن السؤال، وكف الطمع عن الناس، استغناء بالحلال عنهم، واستعانة بما يكسبه على الدين، وقياما بكفاية العيال ليكون من جملة المجاهدين به، ولينو النصح للمسلمين، وأن يحب لسائر الخلق ما يحب لنفسه، ولينو اتباع طريق العدل والإحسان في معاملته، كما ذكرناه، ولينو الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في كل ما يراه في السوق، فإذا أضمر هذه العقائد والنيات؛ كان عاملا في طريق الآخرة. انتهى.
والله أعلم.