الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن قطيعة الرحم جرم عظيم وإثم كبير، وكبيرة من كبائر الذنوب، بل هي سبب في الطرد من رحمة الله تعالى، كما قال سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (محمد:22-23)، وثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال للرحم: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال فذاك.
فنصيحتنا لك أخانا السائل أن تستمر في تذكير أهلك بالله تعالى، وبخطورة هذا الأمر، وأن تستعين في ذلك بمن ترجو أن يكون لقوله تأثير عليهم من أهل العلم والصلاح، ومن أهل الرأي، ولا تيأس، واحتسب ما تجد من أذى في سبيل ذلك، لأن الإصلاح بين الناس من أعظم القربات، ولا سيما الإصلاح بين ذوي الأرحام، قال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (النساء:114)، ولا يجوز لك أن تقطع رحمك من أجل إرضاء أحد من الناس، ولو كان أحد الوالدين، وذلك لأن قطيعة الرحم معصية، ولا يطاع أحد في معصية الله تعالى، فقد روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في المعصية إنما الطاعة في المعروف، فإن كنت قد وقعت في ذلك فبادر إلى التوبة، ومن تاب تاب الله عليه، وغفر له ذنبه، بل قد يبدل الله سيئاته حسنات بمنه وكرمه، وقطيعة الرحم كغيرها من المعاصي، فقد تترتب عليها آثارها على الإنسان في نفسه وأهله، كما أثر عن بعض السلف أنه قال: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي... فالواجب الحذر من الذنوب والمعاصي.
نسأل الله تعالى أن يصلح ذات بينكم وأن يوفقكم إلى كل خير، وأن يجنبكم كل شر، وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى التالية: 13912/21824.
والله أعلم.