الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن القمامة التي يوضع فيها فضلات الطعام والشراب، والعلب، وما كنس في البيت من الغبار ونحو ذلك، لا يحكم بنجاستها وإن كانت مستقذرةً؛ إذ ليس كل مستقذر نجساً، فالمخاط مثلا مستقذرٌ وليس بنجس، فهذه القمامة لا حرج في وضع العظام فيها.
وأما القمامة التي توضع فيها النجاسات كقمامة الخلاء، فهذه لا ينبغي رمي عظم المأكول اللحم فيها؛ لأنه تنجيس له، وهو -والله أعلم- في معنى الاستنجاء به، وذلك منهي عنه؛ لأنه طعام المسلمين من الجن، كما ذكرناه في الفتويين التاليتين: 104113، 66021.
وقد اختلف أهل العلم في حكم الاستنجاء بالعظم بين قائل بالتحريم، وقائل بالكراهة لا التحريم، كما هو قول المالكية.
جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ أَوِ الاِسْتِجْمَارُ بِالْعَظْمِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْعَظْمُ طَاهِرًا كَعَظْمِ مَأْكُول اللَّحْمِ الْمُذَكَّى، أَوْ نَجِسًا كَعَظْمِ الْمَيْتَةِ .....
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُكْرَهُ تَحْرِيمًا الاِسْتِنْجَاءُ بِالْعَظْمِ؛ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ إِذَا خَالَفَ وَاسْتَنْجَى بِالْعَظْمِ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمْ....
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالْعَظْمُ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ نَجِسًا كَعَظْمِ الْمَيْتَةِ فَلاَ يَجُوزُ الاِسْتِجْمَارُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَظْمُ طَاهِرًا كَعَظْمِ مَأْكُول اللَّحْمِ الْمُذَكَّى، فَيَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. اهــ.
والله أعلم.