الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكما المبادرة بالتوبة إلى الله -تعالى- مما وقعتما فيه من الحرام، واعلم أنّ الزنا الذي يجب فيه الحد وتترتب عليه الأحكام؛ يحصل بمجرد إيلاج الحشفة (رأس الذكر) في فرج المرأة، وراجع الفتوى: 323977
ولا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر، ولذلك نهى الله -تعالى- عن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه.
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: يقول -تعالى- ناهيا عباده عن الزنا وعن مقاربته، وهو مخالطة أسبابه ودواعيه: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة} أي: ذنبا عظيما {وساء سبيلا} أي: وبئس طريقا ومسلكا. انتهى.
وليست التوبة من الزنا بالزواج من الزانية، ولكنها بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.
والراجح عندنا أنّه لا يجوز لمن زنا بامرأة أن يتزوجها إلا بعد التوبة، وانقضاء العدة حتى تعلم براءة الرحم.
قال الحجاوي -رحمه الله-: وتحرم الزانية إذا علم زناها على الزاني وغيره، حتى تتوب وتنقضي عدتها. انتهى.
فسواء رضيت أمّك بزواجك من هذه المرأة أو لم ترض؛ فلا يجوز لك الزواج منها على تلك الحال.
وإذا كنت حريصاً على رضا الله؛ فبادر بالتوبة، واقطع كل علاقة بهذه المرأة، وأقبل على الله -تعالى- واعلم أنّ التوبة الصحيحة مقبولة -بإذن الله-؛ قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. [الشورى:25]. وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر (53)}.
فإذا تبتما إلى الله -تعالى- توبة صحيحة، فلا حرج عليك في الزواج منها، إلا إذا منعتك أمّك من زواجها لغرض صحيح؛ فعليك طاعتها.
وأمّا إذا منعتك من زواجها لغير غرض صحيح؛ فلا حرج عليك في الزواج منها؛ وراجع الفتوى: 174573، والفتوى: 423238
ولمعرفة آلية الفتوى في موقعنا؛ راجع الفتوى: 1122
والله أعلم.