الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكرك للطبيب النفساني ما كان يعمله هذا المتوفى من محرمات أو أخطاء، لن تزيد في حسابه أو عذابه، فالمرء إنما يحاسب على أعماله لا على حكاية الناس لأعماله، فلا يجازى أحد إلا بعمله، ولا يؤاخذ إلا بكسبه، قال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام: 164].
وهذا من ناحية أثر الحكاية على حساب الميت! أما الحي نفسه، فحكم ذكره للأحوال السيئة للميت، فيه خلاف وتفصيل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: لا تَسُبُّوا الأمْوَاتَ؛ فإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إلى ما قَدَّمُوا. رواه البخاري.
والذي يظهر لنا أنه يجوز للسائلة فعل ذلك إن احتاجت لذكر ذلك للطبيب؛ طلبا للتداوي من مرض نفساني.
قال النووي في كتاب الأذكار: أمواتُ المسلمين المعلنين بفسق أو بدعة أو نحوهما، يجوز ذكرُهم بذلك إذا كان فيه مصلحة، لحاجة إليه للتحذير من حالهم، والتنفير من قبول ما قالوه، والاقتداء بهم فيما فعلوه، وإن لم تكن حاجة لم يجزْ، وعلى هذا التفصيل تُنَزَّلُ هذه النصوص. اهـ.
وتتأكد الرخصة على قول من يفرق بين السب، ومجرد حكاية أفعال الميت السيئة.
قال المناوي في فيض القدير: السب غير الذكر بالشر، وبفرض عدم المغايرة، فالجائز سب الأشرار، والمنهي سب الأخيار. ذكره الكرماني وغيره. اهـ.
وأما حياة البرزخ فليست مجرد سؤال، بل سؤال يترتب عليه نعيم أو عذاب، فيكون القبر بعده إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار -والعياذ بالله-؛ ولذلك فالدعاء للميت ينفعه: إما برفع درجته وزيادة نعيمه، وإما برفع العذاب عنه أو تخفيفه.