الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا المال الذي سجله أبوك في البنك باسمك وإخوتك هو هدية منه لكم وقمتم بحوزه الحوز الشرعي، فإنكم بذلك تملكونه.
قال ابن حجر الهيثمي: إذا قسم الأب ما بيده بين أولاده فإن كان بطريق أنه ملك كل واحد منهم شيئا على سبيل الهبة الشرعية المستوفية لشرائطها من الإيجاب والقبول والإقباض والإذن في القبول وقبض كل من الأولاد الموهوب لهم ذلك وكان ذلك في حال صحة الواهب، جاز ذلك وملك كل منهم ما بيده لا يشاركه فيه أحد من إخوته، ومن مات منهم أعطي ما كان ما بيده من أرض ومغل لورثته.. وإن كان ذلك بطريق أنه قسم بينهم من غير تمليك شرعي، فتلك القسمة باطلة، فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثا لأولاده. اهـ.
وعلى هذا، فإذا تم الحوز منك لهذا المال على الوجه الذي أشرنا إليه، فإن الزكاة تلزمك في هذا المال كلما حال عليه الحول وهو بالغ نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة.
أما إذا كان الهدف من تسجيل أبيك لهذا المال باسمك وإخوتك إنما هو مجرد وصية لكم بذلك بعد موته، فهذا لا يعد هبة، وإنما هو وصية لوارث وهي محرمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أحمد، وزكاة هذا المال على أبيكم.
وعلى كل، فإن على من كان مالكا لهذا المال أن يتوب إلى الله عز وجل ويبادر إلى سحبه من هذا البنك الربوي فورا، وما تحصل عليه من فوائد ربوية فلا يجوز له الانتفاع بها بأي وجه من الوجوه، بل عليه التخلص منها بصرفها إلى الفقراء والمساكين.
وبخصوص ما سمعت من جواز إخراج الزكاة على الفوائد فقط فغير صحيح، لأن المال الحرام لا تجب فيه الزكاة، لأنه ليس ملكا لمن هو بيده، بل يجب عليه التخلص منه بالكامل ولا يمسك إلا رأس ماله، قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (البقرة: 279).
وأخيرا، ننبه والدك إلى أنه ينبغي له إن كان صادقا بالفعل في إعطائك هذا المال أن يدعك تتصرفين فيه بما ترينه مناسبا خاصة ما تنوين فعله من مساعدة زوجك المدين على قضاء دينه، لأن ذلك أمر محمود شرعا، ولاحتمال أن يكون أحد دواعي زواج زوجك بك هو مساعدته في تحمل مصاعب الحياة بما تملكينه من مال وهو ما أشير إليه في الحديث: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.