الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في إعطاء الزكاة للجمعيات الخيرية الموثوق بها لإيصالها إلى مستحقيها، ولا يمنع من ذلك ما ذكرته من تحريها كي تدفع الزكاة لمستحقها، ولو كانت تتولى سداد ثمن الدواء عنه، أو سداد الديون المترتبة في ذمة الغارمين عنهم، ونحو ذلك، فهذا لا يمنع من توكيلهم في دفعها، ولا سيما مع ما ذكرت من خبرتهم ومعرفتهم بالمستحقين.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يحق للجمعية الاستفادة من أموال الزكاة، وصرفها في علاج، ورعاية، وتأهيل .. الأطفال المعوقين، والفقراء، والمحتاجين للرعاية، والعناية؟
فأجابت: لا مانع من الاستفادة من أموال الزكاة فيما يتعلق بالمعوقين الفقراء. انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء.
وأما تأخر الزكاة عندك انتظارا لمستحقيها لتضعها في أيديهم مراعاة للقول بوجوب تمليكها للفقير؛ فلا حرج عليك فيه، ولا سيما إذا لم يَطُل ذلك التأخير.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وجوب تمكين الفقير من المال بيده قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ, وَمِمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنَ الأْعْذَارِ: أَنْ يَكُونَ الْمَال غَائِبًا، فَيُمْهَل إِلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ إِحْضَارُهُ، وَأَنْ يَكُونَ بِإِخْرَاجِهَا أَمْرٌ مُهِمٌّ دِينِيٌّ أَوْ دُنْيَوِيٌّ، وَأَنْ يَنْتَظِرَ بِإِخْرَاجِهَا صَالِحًا أَوْ جَارًا. اهــ
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فصل: فإذا أخرها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة، أو ذي حاجة شديدة، فإن كان شيئًا يسيرًا، فلا بأس، وإن كان كثيرًا لم يجز. انتهى
كما قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: وقال جَمَاعَةٌ: يَجُوزُ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ، وَلَا يَفُوتُ الْمَقْصُودُ. اهــ
وأما لو طال التأخير؛ فادفعها إلى الجمعيات الخيرية الموثوق بها، ويمكنك استبقاء شيء منها تضعه في أيدي من هم أشد حاجة من الأقارب ونحوهم.
والله أعلم.