الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في أن تصلي السنن والنوافل جالسًا، ولو مع القدرة على القيام، ومن فعل ذلك؛ فلا إثم عليه، ولك أن تفتتح الصلاة قائما، ثم تجلس، أو تفتتحها جالسًا، وتتمها على ذلك، إلا أن ثواب القائم ضعف ثواب القاعد، إذا لم يكن به عذر؛ لحديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: حدثت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة. رواه مسلم وغيره، وعن عمران بن حصين قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة الرجل قاعدًا، فقال: إن صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد. رواه البخاري.
وإذا صلى المرء النافلة جالسا، فإنه يومئ بالركوع، والأولى أن يسجد على الأرض، ولا يومئ به، وإن أومأ به؛ فصلاته صحيحة.
جاء في المنتقى للباجي: فأما من كان في الأرض فتنفل يجوز أن يومئ في النافلة لغير عذر، وروى عيسى عن ابن القاسم: لا يومئ الجالس من غير عذر. قال عيسى في النوافل وغيرها، وقال ابن حبيب: له أن يومئ في النوافل من غير عذر، كما له أن يدع القيام في النوافل من غير علة. وقد روى عيسى عن ابن القاسم أنه إن أومأ في النوافل أجزأه، وكأنه ذهب إلى الكراهية. انتهى
والأولى والأحوط أن يسجد على الأرض، ولا يومئ للخلاف في مشروعية ذلك للمتنفل القاعد؛ بخلاف الراكب والماشي، فالأمر فيهما أوسع.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا كان على الراحلة في السفر، جاز أن يومئ بالسجود حيث كان وجهه كصلاة النافلة... وإن كان ماشيا سجد على الأرض... وقال الأسود بن يزيد، وعطاء، ومجاهد: يومئ. وفعله علقمة، وأبو عبد الرحمن، وعلى ما حكاه أبو الحسن الآمدي في صلاة الماشي في التطوع، أنه يومئ فيها بالسجود، ولا يلزمه السجود بالأرض. انتهى بتصرف يسير.
والله أعلم