الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: من أحصاها دخل الجنة وذلك لأن الإحصاء في اللغة يشمل العد والحفظ، قال ابن منظور في اللسان: والإحصاء: العد والحفظ، وأحصى الشيء أحاط به.
ورجح النووي أن المراد بها الحفظ، كما في شرح مسلم قال بعدما ذكر الخلاف: قال البخاري وغيره من المحققين: معناه: حفظها، وهو الأظهر؛ لأنه جاء مفسَّراً في الرواية الأخرى مَنْ حفظها .
وقيل معناه: العمل بها لا عدها وحفظها؛ لأن ذلك قد يقع للكافر والمنافق.
وقيل معناه: عدّها والعمل بها، فالذي يقصد بالعمل أن لله أسماء يختص بها كالأحد والمتعال والقدير ونحوها، فيجب الإقرار بها والخضوع عندها، وله أسماء يُستحب الاقتداء بها في معانيها كالرحيم والكريم والعفو ونحوها، فيستحب للعبد أن يتحلى بمعانيها ليؤدي حق العمل بها، فبهذا يحصل له الإحصاء العملي.
وأما الإحصاء القولي فيحصل بجمعها وحفظها والسؤال بها، ولو شارك المؤمن غيره في العد والحفظ فإن المؤمن يمتاز عنه بالإيمان بها والعمل بها.
وهذا ما أفاده الحافظ ابن حجر في الفتح نقلاً عن جمع من العلماء، ولعله هو الراجح إن شاء الله تعالى، لجمعه لمعاني الكلمة من حيث اللغة ومن حيث العمل، فإن حمل المشترك على جميع معانيه إن أمكن أولى من قصره على بعضها.
وأما ما يقصد بقوله صلى الله عليه وسلم: ..اقرأ وارتقِ ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا. فقد سبق أن أجبنا عنه، فنحيلك إليه في الفتوى رقم:
1018.
والله أعلم.