الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: سبق أن بينا في الفتوى: 387031 أن للعلماء تفسيرين في معنى اليقين الوارد في حديث: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ.
وأن أحدهما معناه: كونوا على حالة تستحقون بها الإجابة؛ وعلى هذا المعنى، فلا إشكال بين هذا اليقين وبين ما ذكرتَه من الخوف من رد الدعاء بسبب الذنوب.
والمعنى الثاني: أي: معتقدين أن الله تعالى سيستجيب دعاءكم، وحتى على هذا المعنى؛ فلا إشكال؛ لأن الله تعالى الذي وعدنا بإجابة الدعاء، ورغّبنا على لسان نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أن ندعوه ونحن موقنون بالإجابة، هو الذي بين لنا في شرعه أيضًا أن من الذنوب والمعاصي ما لا يستجيب معه دعاء عبده؛ فالعبد يدعو الله موقنًا بالإجابة؛ لحسن ظنه بالله، وفي ذات الوقت يخاف أن يُرد دعاؤه؛ لسوء ظن بنفسه أنه ربما لم يستوفِ شروط الإجابة، فأي تعارض في هذا!؟
ففي السنة بين النبي صلى الله عليه وسلم حال الداعي المتلبس بالمعاصي المانعة من الإجابة، فذكر: الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ رواه مسلم.
فإذا قال هذا الداعي المتلبّس بتلك الموانع: إنني دعوت موقنًا بالإجابة، فيقال له: نعم، ولكن ذنوبك كانت مانعا من الإجابة.
وانظر للأهمية الفتوى: 253711 عن الظن المحمود والظن المذموم من عدم قبول العبادة.
والله أعلم.