الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فغيرتك على زوجتك؛ أمر محمود ومطلوب شرعا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: المؤمن يغار، والله أشد غيرا. وقال -صلى الله عليه وسلم-: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني. رواه البخاري.
فحرصك على عدم اطلاع أحد على زوجتك في البيت، وإنكارك عليها تعمد النظر إلى الرجال الأجانب -إن كانت تفعل ذلك- فهو من الغيرة المحمودة.
أمّا إذا كنت تبالغ في الغيرة، فتسيء الظنّ بزوجتك من غير ريبة؛ فهذه غيرة مذمومة، لا يحبها الله، ففي سنن أبي داود عن جابر بن عتيك، أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله: فأما التي يحبها الله -عز وجل-؛ فالغيرة في الريبة، وأما التي يبغضها؛ فالغيرة في غير ريبة......"
جاء في شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره: قوله: فالغيرة في الريبة أي يكون في مواضع التهم والشك والتردد، بحيث يمكن اتهامها فيه، كما لو كانت زوجته، أو أمته تدخل على أجنبي، أو يدخل أجنبي عليها، ويجري بينهما مزاح وانبساط. وأما إذا لم يكن كذلك؛ فهو من ظن السوء الذي نهينا عنه. انتهى.
وفي غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: (ولا تكثر الإنكار) عليها، فإنك تقوي العين عليها، فإن فعلت (تُرْمَ) زوجتك بسبب كثرة إنكارك عليها (بتهمة) في نفسها، فيقول الفساق وأهل الفجور: لولا أنه يعلم منها المكروه، لما أكثر من إنكاره عليها. انتهى.
وفيه أيضا: والمحمود من الغيرة صون المرأة عن اختلاطها بالرجال. انتهى.
فاحرص على الاعتدال في الغيرة، وحافظ على زوجتك من غير أن تسيء الظن بها، أو تبالغ في التضييق عليها دون مسوّغ.
والله أعلم.