الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فههنا مسألتان، أولاهما أن ائتمامهم بالإمام حيث لا يرونه، أو يرون من يراه في صحته خلاف بين العلماء، والمفتى به عندنا صحة الائتمام ما دام العلم بانتقالاته ممكنا. وانظر الفتوى: 137026.
الثانية: أنهم سبقوا الإمام -من غير عمد منهم- إلى القيام، فلم يجتمعوا معه فيه، وسبقوه إلى الركوع حتى أدركهم فيه، وعليه؛ يكونون قد سبقوا الإمام بركن واحد وهو القيام، واشتركوا معه في الركن الذي بعده وهو الركوع.
وإذا كان واقع الحال كذلك؛ فالذي نراه أن صلاتهم صحيحة؛ لأن ظاهر نصوص الحنابلة تفيد أن هذه الصورة من سبق المأموم للإمام لا تبطل الصلاة بها؛ إلا إذا كان ذلك عن عمد من المأموم.
قال البهوتي في الروض المربع شرح زاد المستقنع: (وإن ركع ورفع قبل ركوع إمامه عالما عمدًا بطلت) صلاته؛ لأنه سبقه بمعظم الركعة، (وإن كان جاهلا أو ناسيًا) وجوب المتابعة (بطلت الركعة) التي وقع السبق فيها (فقط)، فيعيدها، وتصح صلاته للعذر،( وإن ) سبقه مأموم بركنين بأن (ركع ورفع قبل ركوعه، ثم سجد قبل رفعه) أي رفع إمامه من الركوع ( بطلت ) صلاته؛ لأنه لم يقتد بإمامه في أكثر الركعة (إلا الجاهل والناسي)، فتصح صلاتهما للعذر. (ويصلي) الجاهل أو الناسي (تلك الركعة قضاء) لبطلانها؛ لأنه لم يقتد بإمامه فيها، ومحله إذا لم يأت بذلك مع إمامه. ولا تبطل بسبق بركن واحد غير ركوع. انتهى.
قال ابن قاسم في حاشيته على الروض المربع- شارحا لقول البهوتي: ولا تبطل بسبق بركن واحد غير ركوع: أي ولا تبطل الصلاة بسبق مأموم بركن واحد، كقيام وهوي إلى السجود، غير ركوع فتبطل به، لأن الركوع تدرك به الركعة، وتفوت إذا فات فليس كغيره. انتهى.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: و(لا) تبطل (ركعته) إن سبق إمامه جاهلا أو ناسيا (بركن) غير ركوع؛ كقيام وهوي إلى السجود. وأما الركوع فتبطل الركعة بالسبق به؛ لأنه تدرك به الركعة. انتهى.
والله أعلم.