الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نجد من فرق بين الذنب والسيئة هذا التفريق المذكور، والظاهر أنه غير صحيح.
فقد جاء ذكر السيئة في القرآن والمراد به الشرك، وهو متعلق بالإخلال بحق الله -تعالى- لا حقوق العباد، كما في قوله الله تعالى: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {سورة البقرة:81}.
قال القرطبي: قوله تعالى:" سَيِّئَةً" السَّيِّئَةُ الشِّرْكُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ:" مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً"؟ قَالَ: الشِّرْكُ، وَتَلَا: "وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ»". وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، قَالَا: وَالْخَطِيئَةُ الْكَبِيرَةُ. اهـ.
كما جاء إطلاق الذنب على ما هو متعلق بحق الله -تعالى- وحقوق العباد أيضا، على كلا الأمرين، ففي الصحيحين عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ».
وقد ذكرنا في عدة فتاوى سابقة الفروق بين السيئة والخطيئة، والذنب والإثم.