الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على الولد بر والديه والإحسان إليهما وطاعتهما في المعروف، وتحرم معاملتهما بالغلظة والشدة، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا [الإسراء:23]، فنبه بالتأفف والتضجر على ما هو أبلغ منهما في الإيذاء والإساءة.
قال الإمام الرازي: المراد من قوله "فلا تقل لهما أف" المنع من إظهار الضجر بالقليل والكثير. انتهى.
أما ما سألت عنه من حدود طاعة الولد لوالديه، فجوابه يطول ولكن ننقل لك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الباب ففيه الكفاية، قال رحمه الله: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين... وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب، وإلا فلا.. وتحرم (أي طاعتهما) في المعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى: إذا ثبت رشد الولد الذي هو صلاح الدين والمال معاً لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفق ديناً أو دنيا، ولا عبرة بريبة يتخيلها الأب مع العلم بصلاح دين ولده وكمال عقله. انتهى.
وأما دعاء الوالد على ولده بغير حق فلا يجوز، والدعاء بغير حق لا يستجيب الله له كما في الحديث: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
وهذا الحكم يستوي فيه كل من دعا بغير حق ولو كان الوالد على ولده.
والله أعلم.