الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل جواز التأمين على دعاء المسلم، إذا كان ما دعا به لا إثم فيه، ولو كان مبتدعًا؛ لأنه من جملة المسلمين، فكما جازت الصلاة عليه إذا مات، جاز التأمين على دعائه، هذا إن لم تكن بدعته مكفرة.
أما إذا كانت بدعته مكفرة؛ فإنه يجري فيه حينئذ خلاف الفقهاء في جواز التأمين على دعاء الكافر، فمنهم من قال بالجواز، ومنهم من منع، جاء في بحر المذهب للروياني الشافعي: التأمين على دعاء الكفار، لا يجوز؛ لأنه عدو الله ورسوله، وقد قال تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} [الرعد:14].
فأما التأمين على دعاء فسّاق المسلمين، فإنه يجوز؛ لأنهم لم يخرجوا عن الإسلام، والله تعالى قد يجيب دعاءهم، وجاز الدعاء لهم، فإنه يصلى عليهم إذا ماتوا؛ فجاز التأمين على دعائهم، بخلاف الكفار. اهــ.
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج، معقبًا على قول الروياني: قَدْ تُعَجَّلُ لَهُمْ (يعني الكفار) الْإِجَابَةُ اسْتِدْرَاجًا. وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الْبَحْرِ: يَحْرُمُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ. اهـ.
عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِالْحُسْنَى، فَلَا عِلْمَ بِعَدَمِ قَبُولِهِ، إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ عَلَى كُفْرِهِ.
ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: إطْلَاقُهُ بَعِيدٌ. وَالْوَجْهُ جَوَازُ التَّأْمِينِ، بَلْ نَدْبُهُ إذَا دَعَا لِنَفْسِهِ بِالْهِدَايَةِ، وَلَنَا بِالنَّصْرِ مَثَلًا، وَمَنْعُهُ إذَا جَهِلَ مَا يَدْعُو بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو بِإِثْمٍ. اهـ.
والله أعلم.