الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تعانيه والمصائب التي لديك ليس حلها أن تنذر وتسأل وتكرر ذلك! وإنما حلها أن تتوقف تماما عن النذر، فلا تحتاج إلى سؤال، ولا سيما في الأمور التافهة، فضلا عن المكروهة والمحرمة.
وأما ما نقلته عن الأذرعي: فمحل خلاف ونظر حتى عند الشافعية أنفسهم، فقد ردَّ كلامه زكريا الأنصاري في (أسنى المطالب)، واعتبره سهوا منه. مَنْشَؤُهُ اشتباه الملتزم بالمعلق به، والذي يشترط كونه قربة الملتزم لا المعلق به، والملتزم هنا الصوم، وهو قربة فيصح نذره سواء أكان المعلق به قربة أم لا.
ورضي ذلك الخطيب الشربيني في مغني المحتاج، وتعقبه ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى، بما نقله السائل.
ويؤيد كلام زكريا الأنصاري مذهب المالكية.
فقد جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: (و) كره (المعلق على غير معصية)... (وإلا) بأن علق القربة على معصية (حرم) ووجب تركها (فإن فعلها أثم، ولزم ما سماه) من القربة في المعلق. اهـ.
وقال الزرقاني في شرحه على مختصر خليل، في باب الإيلاء: ليس النذر معصية قطعًا، وإنما علق على معصية ولو بحسب المعنى. وما كان كذلك يلزم، كما تقدم في باب اليمين وفي النذر. اهـ.
والذي نراه في حق السائل أنه يسعه اعتبار ذلك من نذر المعصية، وبالتالي لا يلزمه، ولكن يتحلل منه بكفارة يمين، لحديث عائشة مرفوعا: لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين. رواه أحمد والأربعة.
وحديث عمران بن حصين مرفوعا: النذر نذران: فما كان من نذر في طاعة الله، فذلك لله وفيه الوفاء. وما كان من نذر في معصية الله، فذلك للشيطان ولا وفاء فيه، ويكفره ما يكفر اليمين. رواه النسائي.
وقال البجيرمي في حاشيته على الخطيب: الحاصل أنه إن كان المنذور معصية أو مباحا لم ينعقد. وإن كان المعلق عليه معصية أو مباحا، فإن تعلق به حث أو منع، أو تحقيق خبر أو كان فيه إضافة إلى الله -تعالى- كان يمينا لا نذرا، فتجب فيه بالحنث كفارة. فتأمل. اهـ.
والله أعلم.