الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق بيان حكم الاستعانة بالعمالة الأجنبية وحكم العمل في شركة أكثر موظفيها من الهندوس في الفتوى رقم: 39458، والفتوى رقم: 9896 فراجعهما ففيهما غنية عن التكرار، كما سبق بيان حكم الأكل من طعامهم في الفتوى رقم: 20590.
أما بخصوص هذا الرجل الذي عمل على إحضار العمال الهنود الكفار وقدمهم وقربهم رغم أن خبرتهم في مجال العمل دون المستوى المطلوب على حد قولك، فلا شك أنه مخطئ في صنيعه هذا، خاصة أنك ذكرت أن الدولة ترغب في العمالة العربية والوطنية ما دامت مكافئة للعمالة الوافدة أو أحسن منها، لكن صنيعه هذا لا ينبغي أن يثنيك عن القيام بواجبك من الإخلاص في العمل وبذل النصح ومحاولة الإصلاح ما أمكن بالحكمة والوسائل المتاحة، والواجب عليك تغيير المنكر أو تقليله قدر الاستطاعة انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
واحذر من عدم مراعاة الضوابط المطلوبة في عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وابتعد عن التشهير وجلب الخصومات والزم الرفق واللين في منهجك ومحاولة الإقناع، وتعاون مع الغيورين أمثالك لإصلاح الأمور، وسيجعل الله لك فرجاً قريباً وعوناً ونصيراً، كما وعد سبحانه بقوله: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وقوله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].
وإذا أمكن تدريب العمالة المسلمة فلا تتوان في هذا، ولا يفوتنا أن نبين هنا أنه لا يجوز للرجل المذكور قبول هدايا هؤلاء الموظفين من الأطعمة أو غيرها، والتي يحابيهم من أجلها -على حد قولك- لأنها رشوة محرمة، بدليل حديث البخاري ومسلم عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدي إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله في رقبته... الحديث
قال الإمام النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام. انتهى.
وأخيراً: نوصيك بالصبر والتحمل في سبيل الحق جعلك الله قدوة حسنة لغيرك ونفع بك.
والله أعلم.