الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتوبة الصحيحة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والراجح عندنا أنّ التائب لا يعاقب على ذنبه لا في الدنيا، ولا في الآخرة، قال ابن تيمية -رحمه الله-: ونحن حقيقة قولنا: إن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا، ولا قدرًا. انتهى.
وليس لك تعيير الفتاة بما مضى من ذنوبها؛ فهي تابت إلى الله عز وجل -على ما ذكرت-.
ولا ينبغي لك التحرّج من الزواج منها، وينبغي عليك أن تنظر إلى حالها في الحاضر، ولا تلتفت لما مضى.
وما شعرت به بعد الاستخارة من الانقباض؛ لا ينبغي أن يمنعك من الزواج منها؛ فإنّ الراجح عندنا أن المستخير يمضي في الأمر بعد الاستخارة، ولا يتركه، إلا أن يصرفه الله عنه، جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقيل: يفعل ما بدا له، ويختار أيّ جانب شاء من الفعل والترك، وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله يكون خيره ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير، وهذا لأنه ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحًا لجانب، أو ميلًا إليه. كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا، أو يسمع صوتًا من هاتف، أو يلقى في رُوعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحًا بعد تكرار الاستخارة، وهذا يقوّي أن الأمر ليس موقوفًا على الانشراح. انتهى.
وننبهك إلى أنّ الخاطب أجنبي من المخطوبة، ما دام لم يعقد عليها العقد الشرعي، شأنه معها شأن الرجال الأجانب، لا يكلّمها لغير حاجة، وراجع حدود تعامل الخاطب مع المخطوبة في الفتوى: 57291.
وإذا راجعت نفسك، وتدبّرت ما ذكرناه لك؛ فزالت عنك الوساوس والمخاوف؛ فاحمد الله، وبادر بالزواج.
وأمّا إذا بقيت على الحال التي ذكرت من الوسوسة والخوف؛ فلا حرج عليك في فسخ الخطبة، وراجع الفتوى: 65050.
والله أعلم.