الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه السائل على أن وجود الماء الساخن، أو غير ذلك مما ييسر أمر الطهارة، ليس له علاقة بمسألة القدرة على إظهار شعائر الدين، وإنما له علاقة بتيسير بعض العبادات. وأما القدرة على إظهار الشعائر؛ فمعناها أن يؤديها المسلم علانية دون خوف، فيظهر إسلامه، وشعائر دينه كلها، دون أن يؤذى بسببها.
فإن حصلت هذه القدرة، ولم يخش المسلم على نفسه، ولا على من يقع تحت مسئوليته من الفتنة في الدين، جاز له أن يقيم في بلاد غير المسلمين. فإن كان الحال كذلك، فلا حرج في الطلب من الأهل أن يذهبوا إلى هناك.
وانظر للفائدة الفتويين: 406405، 408892.
وإذا جاز السفر؛ فلا يحرم الدعاء بموافقة الأهل عليه! وخير من ذلك الدعاء بتيسير الأفضل، وأن يختار الله لكم ما فيه عافيتكم في دينكم ودنياكم. فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك. رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني.
قال العظيم آبادي في عون المعبود: "الجوامع من الدعاء" أي الجامعة لخير الدنيا والآخرة، وهي ما كان لفظه قليلا ومعناه كثيرا، كما في قوله تعالى: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} ومثل الدعاء بالعافية في الدنيا والآخرة.
وقال علي القاري: وهي التي تجمع الأغراض الصالحة، أو تجمع الثناء على الله تعالى، وآداب المسألة ... "ويدع ما سوى ذلك": أي مما لا يكون جامعا بأن يكون خالصا بطلب أمور جزئية: كارزقني زوجة حسنة، فإن الأولى والأحرى منه ارزقني الراحة في الدنيا والآخرة؛ فإنه يعمها وغيرها. اهـ.
ومن هذه الجمل المستحبة، ما رواه ابن عمر قال: لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي، وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني، ودنياي، وأهلي، ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، وصححه الألباني.
والله أعلم.