الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد رد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على هذه الشبهة في كتابه القول المفيد على كتاب التوحيد، قال: إذا قال قائل نحن الآن واقعون في مشكلة بالنسبة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه في وسط المسجد، فما هو جوابه؟ قلنا: الجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن المسجد لم يبن على القبر؛ بل بني المسجد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد حتى يقال: إن هذا من دفن الصالحين في المسجد، بل دفن في بيته.
والوجه الثالث: أن إدخال بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ومنها بيت عائشة مع المسجد ليس باتفاق من الصحابة، بل بعد أن انقرض أكثرهم، ولم يبق منهم إلا القليل، وذلك عام: 94هـ تقريباً، فليس مما أجازه الصحابة وأجمعوا عليه مع أن بعضهم خالف في ذلك، وممن خالف أيضاً سعيد بن المسيب من التابعين فلم يرض بهذا العمل.
الوجه الرابع: أن القبر ليس في المسجد حتى بعد إدخاله، لأنه في حجرة مستقلة عن المسجد، فليس المسجد مبنياً عليه، ولهذا جُعِل هذا المكان محفوظاً محوطاً بثلاثة جدران، وجعل الجدار في زاوية منحرفة عن القبلة أي مثلثاً، والركن في الزاوية الشمالية، بحيث لا يستقبله الإنسان إذا صلى لأنه منحرف.
فبهذا كله يزول الإشكال الذي يحتج به أهل القبور ويقولون هذا من عهد التابعين إلى اليوم، والمسلمون قد أقروه ولم ينكروه، فنقول: إن الإنكار قد وجد حتى في زمن التابعين، وليس محل إجماع، وعلى فرض أنه إجماع فقد تبين الفرق من الوجوه الأربعة التي ذكرناها. انتهى: 1/394.
فالقبر إذن ليس في المسجد كما تبين، بل في حجرة مستقلة عن المسجد، فلا يقال بأن هذه بدعة ولا بد من نبش القبر، والقول في قبور الصاحبين كالقول في قبره صلى الله عليه وسلم لأنها -أي القبور- في حجرة واحدة.
وفي الأخير ننبه السائل إلى أن عبد الملك لم يكن هو الذي أدخل الحجرات في المسجد، ولا هو الذي قدم خطبة العيد على الصلاة.
والله أعلم.