الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فوجوب قضاء الحائض لتلك الصلاة مختلف فيه بين أهل العلم، وليس متفقًا عليه، والجمهور على وجوب القضاء، كما بيناه في الفتوى: 165237.
وقال آخرون: لا يلزمها إلا الصلاة التي طهرت في وقتها، وممن ذهب إلى أنها لا تقضي الحسن البصري، وسفيان الثوري، قال ابن قدامة في المغني: الْحَسَنَ وَحْدَهُ قَالَ: لَا تَجِبُ إلَّا الصَّلَاةُ الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا وَحْدَهَا. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْأُولَى خَرَجَ فِي حَالِ عُذْرِهَا، فَلَمْ تَجِبْ، كَمَا لَوْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا. اهــ.
وفي كتاب "اختلاف الفقهاء" لمحمد بن نصر المروزي -رحمه الله تعالى-: قَالَ سُفْيَانُ فِي الحائض إِذَا طهرت فِي وقت الْعَصْر: فأحبّ إِلي أن تقضي الظهر والْعَصْرَ، لَيْسَ بواجب عليها، وكذَلِكَ قوله فِي المغرب والعشاء. اهــ.
وما دام أن المسألة خلافية من مسائل الاجتهاد، وقد عملت بأحد القولين فيها؛ فلا نرى أنه يجب عليك القضاء، ولو قضيت احتياطًا؛ فهذا حسن.
ولكننا لا نرى وجوبه عليك، وقد قدّمنا في فتاوى سابقة أن العاميّ إذا عمل عملًا دون استفتاء، ووافق عمله قولًا لأهل العلم المجتهدين؛ فإنه يجزئه ذلك، ولا يطالب بالإعادة، وانظري الفتوى: 192383.
والله أعلم.