الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم وفقك الله أن الله أعلم بمصالح العبد من نفسه، وأن اختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه، وقد يدعو الشخص بما فيه مضرة له من حيث لا يشعر، فيصرف الله ذلك عنه؛ لما له في صرفه من المصلحة. كما قال تعالى: وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا {الإسراء:11}.
ثم إن الداعي لا يعدم من دعائه خيرا، فإما أن يستجيب الله دعاءه، وإما أن يصرف عنه من السوء مثل ما دعا به، وإما أن يدخر له ثواب دعائه يوم القيامة، فعن أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ. أخرجه أحمد والبخاري في الأدب.
واعلم كذلك أن موانع استجابة الدعاء كثيرة. منها: ارتكاب المعاصي، وأكل الحرام، وغفلة القلب عند الدعاء، وغير ذلك.
فعليك أن تتجنب موانع استجابة الدعاء، وتدعو في أوقات الإجابة بإخلاص وصدق، وتأخذ بالأسباب الحسية لحصول مطلوبك، ثم لا تجزع ولا تضجر إذا لم يستجب الله لك مع هذا كله، بل تعلم أنه الخير، وأن ما قضاه الله هو المصلحة، فتسلم لحكمه، وترضى بتدبيره، وتوقن أن الخيرة فيما اختاره لك.
والله أعلم.