هجر الزوج زوجته أكثر من ثلاثة أيام لمناقشتها له في بعض الأمور

13-4-2022 | إسلام ويب

السؤال:
أمرني زوجي بأمر لم أقتنع به، لكني أطعته فيه، وصبرت ثلاثة أسابيع، ثم أردت أن أراجعه في الأمر؛ إذ إن وجهة نظري ثبتت صحتها مع مرور الوقت، لكنه غضب؛ لأني راجعته، ولم يسمع ما عندي، وأدار ظهره، وتركني، ومن وقتها يقضي كل وقته خارج البيت، ولا يكلّمني، ولا يجالس أطفاله الأربعة، وتركت له غرفة النوم فترة حيضي، وعندما طهرت عدت لفراشه؛ خوفًا من أن ينالني الإثم، مع العلم أنه يهجرني في الكلام والفراش على أقل خلاف، ولا يقبل بالحوار، أي أنه يهجرني دون أن يعظ، أو يناقش المشكلة لمدة تتراوح بين الأسبوع والشهر، فهل فعله هذا جائز؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان زوجك قد هجرك فوق ثلاث لمجرد ما ذكرت من مراجعتك له في هذا الأمر الذي أشرت إليه؛ فإنه قد أتى أمرًا محرمًا، وعصى ربه؛ فقد نهى الشرع عن التهاجر بين المسلمين فوق ثلاث ليال لغير مسوّغ شرعي، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.

وإذا كان هذا في حق عامة المسلمين، فإنه يتأكد في حق الزوجين؛ لما جعل الله بينهما من هذه الرابطة العظيمة التي سماها بالميثاق الغليظ، قال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}.

  ولأن كلا من الزوجين مأمور شرعًا بأن يحسن عشرة الآخر، قال سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228}، وأمر الأزواج خاصة بإحسان عشرة زوجاتهم، فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.

 والشرع إنما أجاز للزوج هجر زوجته إذا كانت ناشزًا؛ فلا يجوز له هجرها وهي صالحة مستقيمة.

ولو أنها نشزت، فليس الهجر بأول وسائل العلاج، فهنالك الوعظ أولًا؛ فلا ينتقل للهجر إلا إذا لم يُجْدِ الوعظ، جاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير: والوعظ التذكير بما يلين القلب لقبول الطاعة، واجتناب المنكر، ثم إذا لم يفد الوعظ، هجرها، أي: تجنبها في المضجع، فلا ينام معها في فراش، لعلها أن ترجع عما هي عليه من المخالفة.... اهـ.

كما أنه ليس له هجرها بمعنى ترك مكالمتها فوق ثلاث، ولو كانت ناشزًا، وتراجع الفتوى: 454888.

والخلاف بين الزوجين وارد، ولكن ينبغي للزوجين أن يتحريا الحكمة، ويكون بينهما التفاهم فيما يحتاج إلى نقاش، ويتغاضيا عن الزلات والهفوات.

ولا ينبغي للزوج أن يرفض الحوار؛ فرفضه يعني أن يتفاقم الأمر، ويحدث النزاع، ويكون بعده الفراق.

وقد رزقكما الله تعالى الأولاد، فإن افترقتما، فربما يكون لذلك آثاره السيئة عليهم؛ فاحرصا على استقرار الأسرة، كما أراد الله تعالى لها؛ فقد قال في محكم كتابه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.  

فننصح بالسعي في الإصلاح بينكما، وتوسيط العقلاء، إن اقتضى الأمر ذلك.

هذا مع كثرة الدعاء، وسؤال رب العزة والجلال أن يعين وييسر.

والله أعلم.

www.islamweb.net