الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالقرآن -ألفاظه، ومعانيه- من عند الله تبارك وتعالى، تكلّم به بالحرف العربي -سبحانه- تكلّمًا يليق بجلاله، وأسمعه جبريل، وبلّغه جبريل النبيّ صلى الله عليه وسلم.
فهذه الحروف التي نقرؤها هي التي تكلّم الله بها، ولكن تكلّمه بها، لا نعرف كيفيته؛ لأنه -سبحانه- لا يشبه شيئًا من المخلوقين؛ فهو -سبحانه- ليس كمثله شيء.
وأما قراءتنا نحن، وتكلّمنا بالقرآن؛ فكل ذلك فعلنا، وهو مخلوق، هذه عقيدة أهل السنة في القرآن, قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وَمِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ، وَكُتُبِهِ: الْإِيمَانُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ مُنَزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ.
وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً. وَأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً، لَا كَلَامُ غَيْرِهِ؛ وَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ، أَوْ عِبَارَةٌ عَنْهُ، بَلْ إذَا قَرَأَهُ النَّاسُ، أَوْ كَتَبُوهُ بِذَلِكَ فِي الْمَصَاحِفِ؛ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً؛ فَإِنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئًا، لَا إلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغًا مُؤَدِّيًا.
وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ حُرُوفُهُ، وَمَعَانِيهِ، لَيْسَ كَلَامُ اللَّهِ الْحُرُوفَ دُونَ الْمَعَانِي، وَلَا الْمَعَانِيَ دُونَ الْحُرُوفِ. انتهى.
والله أعلم.