الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحكم بكون هذا المال أو السيارة التي اشتريت به: هبة نافذة للسائل من جدّه؛ لا يصحّ، إلا إذا كان الجدّ قد صرّح بذلك، وأشهد عليه، وإلا فلا بد من إقرار جميع الورثة بها؛ لأن فعل الجدّ كما يحتمل الهبة، يحتمل العارية، والعارية تُرَدُّ إلى التركة بعد موت المعير، نقل خليل في شرح مختصر ابن الحاجب، عن كتاب ابن مزين: قول الرجل في شيء يعرف له: هذا كرْم ولدي، أو دابة ولدي، ليس له شيء، ولا يستحقّ منه الابن شيئًا، إلا بالإشهاد بهبة، أو صدقة، أو بيع، صغيرًا كان أو كثيرًا. اهـ.
وقال الأمير المالكي في «ضوء الشموع»: لا يكون ذلك هبة، وكذا: اركب هذه الدابة، ولو قال: دابة ولدي؛ لأن العرف جار بتطمين الآباء للأبناء بمثل ذلك. اهـ.
ويزيد الإشكال هنا أن الجدّ إن سلمنا أنه وهب؛ فإن له الرجوع في هبته، كالأب عند الشافعية، قال الحصني في «كفاية الأخيار»: إذا حصل القبض المعتبر، لزمت الهبة، وليس للواهب الرجوع فيها، كسائر العقود اللازمة، إلا أن يكون الواهب أبًا، أو أمًّا، أو جدًّا، وإن علا. اهـ.
وقال ابن هبيرة في «اختلاف الأئمة العلماء»: أما الجد، فلا يملك الرجوع عند أبي حنيفة، وأحمد، ومالك. وقال الشافعي: يملك. اهـ.
ورفع هذا الخلاف يحتاج إلى حكم قاضٍ؛ لأن حكمه هو الذي يرفع الخلاف، ويفصل في الحقوق، والمنازعات.
ويتأكّد هذا بما ذكره السائل من اختلال عقل الجدّ في آخر حياته، وهذا لا بد من معرفة تفاصيله؛ لما له من أثر في صحة العقود.
والله أعلم.