الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالقرض وأحكامه لا تقتصر على النقود، أو غيرها من الربويات، بل تجري في كل ما يصحّ اقتراضه مما ينضبط بالوصف، قال ابن قدامة في المغني: يجوز قرض المكيل، والموزون، بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض ما له مثل -من المكيل، والموزون، والأطعمة- جائز. ويجوز قرض كل ما يثبت في الذمة سلمًا. اهـ.
وردّ القرض -أيًّا كان- إنما يكون بالمثل، فإذا لم يكن له مثل؛ فبقيمته يوم قرضه، قال ابن قدامة: يجب رد المثل في المكيل، والموزون، لا نعلم فيه خلافًا ...
فأما غير المكيل، والموزون، ففيه وجهان:
أحدهما: يجب رد قيمته يوم القرض؛ لأنه لا مثل له؛ فيضمنه بقيمته، كحال الإتلاف، والغصب.
والثاني: يجب ردّ مثله. اهـ.
ولا يجوز على أية حال اشتراط الزيادة في رد القرض -أيًّا كان نوع القرض، أو نوع الزيادة-، قال ابن قدامة: كل قرض شرط فيه أن يزيده؛ فهو حرام، بغير خلاف ... لأنه عقد إرفاق، وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة، أخرجه عن موضوعه. ولا فرق بين الزيادة في القدر، أو في الصفة. اهـ.
وأما رد المقترض لقرضه مع زيادة منه دون اشتراط لذلك؛ فهذا لا حرج فيه؛ لأنه من باب الإحسان، ومكافأة المعروف، قال ابن قدامة: إن أقرضه مطلقًا من غير شرط، فقضاه خيرًا منه في القدر، أو الصفة، أو دونه، برضاهما، جاز. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء -من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وابن حبيب من المالكية، وغيرهم- إلى أن المقترض لو قضى دائنه ببدل خير منه في القدر، أو الصفة، أو دونه، برضاهما، جاز؛ ما دام أن ذلك جرى من غير شرط، أو مواطأة؛ وذلك لما صح عن النبي أنه استسلف بكرًا، فرد خيرًا منه، وقال: "إن خياركم أحسنكم قضاء"، ولأنه لم تجعل تلك الزيادة عوضًا في القرض، ولا وسيلة إليه، ولا إلى استيفاء حقّه، فحلّت، كما لو لم يكن قرض، بل إن الحنفية، والشافعية نصّوا على أنه يستحب في حق المقترض أن يرد أجود مما أخذ، بغير شرط، وأنه لا يكره للمقرض أخذه. اهـ.
والخلاصة: أن مقرض البدلة، لا يجوز له أن يشترط على المقترض ردّ أي زيادة على البدلة، وكذلك مقرِض البنزين، ليس له أن يشترط رد شيء زائد على بنزينه.
والله أعلم.