الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الصيام قد يفسد بما يدخله الصائم من أنفه، كما يفطر بما يدخله من فمه. ففي حديث لقيط بن صبرة: بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا. رواه أبو داود.
لأن من استنشق الماء بمنخريه قد ينزل الماء إلى حلقه، وإلى جوفه، فيحصل له بذلك ما يحصل للشارب بفمه، ويغذي بدنه، فكون المنظار يدخل من فتحة الأنف، لا من الفم؛ لا يلزم منه أن الصيام لا يفسد بذلك.
وقد علمنا من بعض الأطباء أن إدخال ذلك المنظار لا بد معه من استعمال شيء من السوائل؛ كالمادة التي تسهل مروره عبر فتحة الأنف، وكالسائل الذي ينظف عدسات المنظار، وكذا المادة المخدرة، وربما يحصل شيء من النزيف اليسير يبتلعه المريض؛ لأن جدار الأنف رقيق، يتأثر بإدخال شيء فيه، فلا يكاد يخلو عمل هذا المنظار من وصول شيء من ذلك إلى المعدة.
وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن الصائم يفطر باستعمال ذلك المنظار -إن وصل إلى المعدة شيء-.
ولو فرض أن الأمر خلاف ما ذكرنا، وأنه لا يصل إلى المعدة شيء بالاختيار؛ فإن مجرد إدخاله عبر فتحة الأنف لا يفطر الصائم؛ لأنه ليس بمُغَذٍّ، ولا في معنى المُغَذِّي.
والأحوط في كل الأحوال عدم عمله في نهار رمضان، إلا لضرورة، أو حاجة ملحة، وانظر الفتوى: 25751.
والله أعلم.