الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأبناء أخت المتوفى لا يرثون خالهم مطلقا؛ لأنهم ليسوا من الورثة أصلا، والقاعدة في المواريث أن كل من أدلى إلى الميت بأنثى لا يرث؛ إلا ولد الأم، والجدة: أم الأم.
ووصيته بالنصف لزوجته هي وصية لوارث، وهي دائرة بين الكراهة والتحريم عند الفقهاء.
قال في كشاف القناع: وَتَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِن الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَقِيلَ: تُكْرَهُ... اهـ.
وفي كلا الحالين لا تمضي إلا برضا الورثة، فإذا لم يرض ابنُ العم الوارث بإمضائها؛ فليس للزوجة شيء إلا نصيبها الشرعي من الميراث، وهو الربع؛ كما سيأتي.
كما أن وصيته بالنصف الآخر لأولاد أخته لا يمضي منها إلا مقدار الثلث فقط، وما زاد على الثلث لا يمضي إلا برضا الورثة -الزوجة وابن العم-، فإذا لم يرضوا بإمضائه، فليس لأبناء الأخت إلا ثلث التركة فقط، ويمضي بغير رضا الورثة، وقسم ما زاد على الثلث بين الزوجة وابن العم القسمة الشرعية للميراث.
وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا زوجته وابن عمه، فإن لزوجته الربع فرضا -لعدم وجود الفرع الوارث- قال الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ. {النساء : 12 }، والباقي لابن عمه من الأب؛ لقول النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.
فتقسم التركة على أربعة أسهم، للزوجة ربعها، سهمٌ واحدٌ، ولابن العم من الأب الباقي، ثلاثة أسهم.
ثم إننا ننبه السائل أخيرا إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، والورثة من الرجال خمسة عشر، ومن النساء عشر. ولا يمكن قسمة التركة إلا بعد حصرهم بشكل صحيح، واضح لا غموض فيه.
وبالتالي، فالأحوط أن لا يُكتفى بهذا الجواب الذي ذكرناه، وأن ترفع المسألة للمحاكم الشرعية، أو يُشافه بها أحد أهل العلم بها حتى يتم التحقق من الورثة، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.