الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الأصل في الأب الشفقة على أولاه، والحرص على مصلحتهم، وأن يكون بينه وبينهم الألفة، والمودة.
فإن صحّ ما ذكرته عن أبيك من تعامله معكم هذه المعاملة السيئة، وقطيعته لكم؛ فهو أمر مخالف لذلك الأصل، وهو مما يستغرب من مثله.
وقد أحسنت بسعيك في التصالح معه، ونسأل الله تعالى أن يحقّق لكم ذلك.
وعليكم بكثرة الدعاء بأن يغيّر الله عز وجل من حاله، ويصلح ما بينكم وبينه؛ فربنا سميع مجيب؛ فهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.
ويمكنك أن تستعين عليه ببعض أهل الخير والفضل، وخاصة المقربين إليه منهم، ومن ترجو أن يقبل نصحهم، ويستجيب لكلامهم.
ولا تيأسوا أبدًا؛ فالله على كل شيء قدير، وقلوب العباد ونواصيهم بيده، قال تعالى: مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {هود:56}، وروى أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول: "يا مقلب القلوب، ثبّت قلبي على دينك، وطاعتك"، فقيل له: يا رسول الله.... إنك تكثر أن تقول: "يا مقلب القلوب، ثبّت قلبي على دينك، وطاعتك" قال: "وما يؤمنني، وإنما قلوب العباد بين أصبعي الرحمن، إنه إذا أراد أن يقلب قلب عبد، قلبه".
واعمل على برّه بما تستطيع، ودعاؤك له، وسعيك في إصلاحه؛ نوع من البرّ؛ فالبرّ يشمل كل خير يمكن إيصاله للغير، جاء في غذاء الألباب للسفاريني: وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ: إيصَالُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الْخَيْرِ، وَدَفْعُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الشَّرِّ، بِحَسَبِ الطَّاقَةِ. اهـ.
هذه بعض التوجيهات نرجو أن تنتفع بها، وأن تثمر خيرًا.
وإذا ردت المزيد، فراسل قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.