الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بما ذكرت من مسامحتك لأبيك، ودعائك له بالمغفرة في الدنيا والآخرة، ومسارعتك إلى تحقيق طلباته؛ فالأب يبقى أبًا، وإساءته لا تسقط برّه، والإحسان إليه، كما أوضحنا في الفتوى: 435385.
ومجرد المشاعر القلبية تجاهه -من الكُرْه، ونحوه-، لا مؤاخذة عليك فيه؛ لأن الإنسان لا اختيار له فيها، ولا تكليف إلا بمستطاع، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، وقال: لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}.
والعقوق إنما يحصل بصدور قول، أو فعل من الولد يؤذي الوالد، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وهو يبين معنى العقوق: والمراد به: صدور ما يتأذّى به الوالد من ولده، من قول، أو فعل، إلا في شرك، أو معصية، ما لم يتعنّت الوالد. اهـ.
وإذا كنت قد تركت محاولة القرب منه، والجلوس إليه بسبب ما تجد منه من الصدود والجفاء؛ فنرجو أن لا حرج عليك في ذلك.
ووجوه البِرّ التي يمكن أن توصلها إليه كثيرة، ومنها: الدعاء، والصلة بالمال، ونحو ذلك، وتفقّد الأحوال، ونحو ذلك، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وقال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر ، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء.
والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر، بحسب الطاقة. اهـ.
ونرجو أن تتواصل لمزيد من التوجيهات مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.