الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك فقيرًا؛ فالواجب عليك أن تنفق عليه بالمعروف، ما دمت موسرًا.
أمّا سداد ديونه؛ فليس واجبًا عليك، ولا إثم عليكم في ترك سدادها، قال الحطّاب -رحمه الله- في مواهب الجليل: وَدَيْنُ أَبِيهِ، لَيْسَ عَلَيْهِ حَالًّا، وَلَا مُؤَجَّلًا. انتهى.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإن ادّعى على أبيه دَينًا، لم تسمع الدعوى؛ حتى يدّعي أن أباه مات، وترك في يده مالًا؛ لأن الولد لا يلزمه قضاء دَين والده، ما لم يكن كذلك. انتهى.
وعليه؛ فلك أن تمتنع من سداد ديون أبيك، وتدّخر أموالك لتتزوج.
لكن لا يجوز لك أن تسيء إلى أبيك، أو ترفع صوتك عليه، ولو كان مسيئًا أو ظالمًا لأمّك؛ فحقّ الوالد عظيم، ولا يسقط حقّه بظلمه، أو إساءته، لكن عليك النصيحة له، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برفق، وأدب، من غير إغلاظ، ولا إساءة، قال ابن مفلح -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ. وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.
والله أعلم.