الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع الحكيم شدّد في أمر الأنساب، والأعراض؛ صيانة لها من العبث، وحفظًا لها من الضياع؛ فحكم بلحوق نسب الولد بمجرد ولادته على فراش أبيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وللعاهر الحجر. متفق عليه.
وجاء الوعيد الشديد في إنكار الرجل ولده، وهو يعلم أنه منه، فقد جاء في سنن أبي داود، والنسائي، وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... وأيما رجل جحد ولده، وهو ينظر إليه، احتجب الله تعالى منه، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين.
فلا يجوز للإنسان أن يقدم على نفي نسب ابنه؛ لمجرد اختلاف لونه، أو كونه لا يشبهه، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: قوله: "وهو ينظر إليه". يعني يراه منه، فكما حرم على المرأة أن تدخل على قوم من ليس منهم، حرم على الرجل جحد ولده. ولا يجوز قذفها بخبر من لا يوثق بخبره ...
ولا بمخالفة الولد لون والديه، أو شبههما، ولا لشبهه بغير والديه؛ لما روى أبو هريرة قال: «جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي جاءت بولد أسود. يعرض بنفيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فما ألوانها؟ قال: حمر. قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها أورق. قال: فأنّى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن يكون نزعه عرق. قال: فهذا عسى أن يكون نزعه عرق»، قال: "ولم يرخص له في الانتفاء منه. متفق عليه.
ولأن الناس كلهم من آدم وحواء، وألوانهم وخلقهم مختلفة؛ فلولا مخالفتهم شبه والديهم، لكانوا على خلقة واحدة، ولأن دلالة الشبه ضعيفة، ودلالة ولادته على الفراش قوية؛ فلا يجوز ترك القوي لمعارضة الضعيف. انتهى.
فاتقِ الله تعالى، وأعرض عن وساوس الشيطان، ولا تلتفت لنتائج تحليل البصمة الوراثية.
وتب إلى الله تعالى من ظن السوء، وأحسن تربية أولادك، واعدل بينهم، ولا تفرّق بينهم في المعاملة.
والله أعلم.