الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هناك فرقًا بين أن يموت الجنين في بطن أمّه، وبين أن يموت بعد أن يولد حيًّا؛ فهذا يغسل، ويكفّن، ويصلّى عليه بلا خلاف، قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا إنْ خَرَجَ حَيًّا، وَاسْتَهَلَّ؛ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ إذَا عُرِفَتْ حَيَاتُهُ، وَاسْتَهَلَّ؛ صُلِّيَ عَلَيْهِ. اهــ.
وأما من مات في بطن أمّه، وسقط ميتًا؛ فإن في مشروعية الصلاة عليه خلافًا بين الفقهاء، ولو بلغ أربعة أشهر، ولا حرج في الأخذ بأحد أقوالهم، وقد ذكرناها باختصار في الفتويين: 111962، 46387، كما ذكرنا أقوالهم في العقيقة عن السقط في الفتوى: 38735.
جاء في الموسوعة الفقهية: تَغْسِيل الْجَنِينِ، وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلاَةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُهُ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا انْفَصَل الْجَنِينُ مَيِّتًا، وَلَمْ يَسْتَهِلّ بَعْدَ الْوِلاَدَةِ؛ فَإِنَّهُ يُغَسَّل، وَيُسَمَّى، وَيُدْرَجُ فِي خِرْقَةٍ، وَيُدْفَنُ، وَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ...
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: قَال الدَّرْدِيرُ: لاَ يُغَسَّل سِقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلّ صَارِخًا، وَلَوْ تَحَرَّكَ؛ إِذِ الْحَرَكَةُ لاَ تَدُل عَلَى الْحَيَاةِ... وَيُغَسَّل دَمُ السِّقْطِ، وَيُلَفُّ بِخِرْقَةٍ، وَيُوَارَى وُجُوبًا فِي التَّكْفِينِ، وَالدَّفْنِ ...
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا اسْتَهَلّ الْجَنِينُ، أَوْ تَحَرَّكَ، ثُمَّ مَاتَ؛ غُسِّل، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلّ، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ؛ كُفِّنَ بِخِرْقَةٍ، وَدُفِنَ.
وَإِنْ تَمَّ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَفِي الْقَدِيمِ: يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لأِنَّهُ قَدْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، وَفِي الأمِّ :لاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ الأْصَحُّ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا أَكْمَل السِّقْطُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ بَانَ فِيهِ خَلْقُ إِنْسَانٍ؛ غُسِّل، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلّ، وَيُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ، وَنَقَل جَمَاعَةٌ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي الْفُرُوعِ: لاَ يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، كَالْعَلَقَةِ، وَفِي كُلٍّ مِنَ الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ، وَكَشَّافِ الْقِنَاعِ: إِذَا وُلِدَ السِّقْطُ لأِكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ غُسِّل؛ لِقَوْل الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَالْغُسْل وَاجِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِل. اهــ.
ونرجو أن تثاب على ما فعلته من تغسيل السقط، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه.
والله أعلم.