الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهناك فرق كبير وبون شاسع بين سَنِّ قانون يبيح الزنى بالتراضي، وبين سَنِّ قانون يمنع الزواج دون الثامنة عشر، أو يمنع الزواج من الأعجميات، أو الأجنبيات؛ فالأول شرّ محض، وخلع لربقة الإسلام من العنق، ومصادمة صريحة لأحكامه القطعية، وانظر الفتوى: 171471.
وأما مسألة تحديد سن الزواج، أو منع الزواج من الأجنبيات؛ فشأن آخر، مدخله هو مسألة: تقييد ولي الأمر للمباح مراعاة لمصلحة عامة، وهي من مسائل الاجتهاد المعتبرة، فإن صدرت ممن هو أهل للاجتهاد والنظر الشرعي؛ فاجتهاده مقبول، سواء أوافقناه أم خالفناه، كما هو الشأن في كل مسائل الاجتهاد والنظر.
وللمجمع الفقه الإسلامي قرار حول: زواج الصغيرات، ومدى سلطة وليّ الأمر في منعه، أو تقييده من المنظور الشرعي، ومما جاء فيه:
* تحديد سن تزويج الصغيرات بإذن القاضي، ويوكل أمره إلى ولي الأمر في كل دولة بحسب ظروف الزمان، والمكان، والسن، بما يحقق المصلحة للجميع.
* لكل بلد الحق في تحديد السن المناسبة للزواج، حسب ما يراه محققًا لمصلحة الفتاة، والأسرة، والمجتمع، وله الحق في تقرير عقوبة مناسبة لمن يزوّجُ الفتاة الصغيرة بغير إذن القاضي.
*يتعيّن وضع ضوابط صحية لتزويج الصغيرات، ولا يجوز تزويج الفتاة بدون هذه الضوابط، ويكون تقدير هذه الضوابط من الأطباء الثقات. اهـ.
وراجع في مسألة سَنِّ الدولة لقوانين تمنع مواطنيها من الزواج بغيرهم الفتوى: 143701.
والله أعلم.