الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالربا من كبائر المحرمات.
والواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى.
ومن توبتك أن تردّ أصل القرض دون الزيادة الربوية، إن أمكنك ذلك، وراجع الفتوى: 16659.
وأمّا إذا لم يكن بإمكانك التخلّص من دفع الزيادة الربوية بحال من الأحوال؛ فعليك التوبة إلى الله تعالى، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.
ولا حرج عليك في التصرّف في المال الذي اقترضته بالتصدّق منه، أو الإنفاق في الأمور المباحة؛ لأنّ الراجح عندنا أنّ التحريم يتعلق بذمّة المقترض، لا بعين المال، وانظر الفتوى: 417985.
وأمّا تركك للطاعات، وأعمال الخير؛ بحجة أنّ الله لا يقبلها منك؛ فهو خطأ كبير، ومكيدة من مكائد الشيطان، وحيلة من حيله يصدّك بها عن الطاعة، ويحول بها بينك وبين التقرّب إلى الله.
فالصواب أنّ من وقع في معصية يتوب منها، ويكثر من الطاعات، قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: وأتبع السيئة الحسنة تمحها.
واحذر من أن يوقعك الشيطان في اليأس من روح الله، والقنوط من رحمته؛ قال تعالى: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}، وقال: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر:56]، وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
والله أعلم.