الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل عدم جواز استماع الغيبة ووجوب الإنكار على المغتاب؛ لكن إذا كان في الإنكار باللسان ضرر؛ فيكتفى بالإنكار بالقلب، قال النووي - رحمه الله - في كتاب الأذكار: اعلم أن الغيبة كما يحرم على المغتاب ذكرها، يحرم على السامع استماعها وإقرارها، فيجب على من سمع إنسانا يبتدئ بغيبة محرّمة أن ينهاه إن لم يَخَفْ ضرراً ظاهراً، فإن خافه وجب عليه الإِنكارُ بقلبه ومفارقةُ ذلك المجلس إن تمكن من مفارقته، فإن قدر على الإِنكار بلسانه، أو على قطع الغيبة بكلام آخر، لزمه ذلك. انتهى.
ثمّ إنّ الإنكار على الوالد؛ ليس كالإنكار على غيره، قال ابن مفلح – رحمه الله: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.
واعلمي أنّ رعاية الوالد وخدمته واجبة على الأولاد جميعا ذكورهم وإناثهم حسب وسعهم، وراجعي الفتوى: 405169.
وإذا كنت تقومين بما تقدرين عليه من رعاية الوالد وخدمته؛ لكنك تتأخرين أحيانا بعض الأيام لانشغالك بواجبات بيتك؛ فليس هذا من العقوق، لكن عليك النصيحة لإخوتك بالقيام بواجبهم من الرعاية والخدمة للوالد والتعاون على ذلك، واعلموا أنّ الاجتهاد في برّ الوالد والإحسان إليه والصبر على ذلك ولا سيما مع كبره وضعفه؛ عمل صالح من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله وأرجاها ثوابا وبركة.
والله أعلم.