الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن نسي سجود السهو الذي محلّه قبل السلام، فذكره بعد السلام؛ فإنّه يسجد للسهو، ما لم يطل الفصل عرفًا، جاء في حاشية العدوي، على كفاية الطالب الرباني: وإن كان سجود السهو الذي نسيه قبليًّا ـ أي: يفعل قبل السلام ـ سجد، إذا تذكّره، إن كان تذكره له قريبًا من انصرافه من الصلاة، والقرب غير محدودٍ على المذهب، وإنما هو راجعٌ إلى العرف، وكذلك الطول، فما يقال قريبٌ، فهو قريبٌ، وما يقال بعيدٌ، فهو بعيدٌ. انتهى.
وقال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: إذا نسي سجود السهو، ثم ذكره قبل طول الفصل في المسجد؛ فإنه يسجد، سواءً تكلم، أو لم يتكلم، وبهذا قال مالك، والأوزاعي، والشافعي. انتهى.
وقال البهوتي - رحمه الله - في الروض المربع: وإن نسيه ـ أي: نسي سجود السهو، الذي محلّه قبل السلام ـ وسلم، ثم ذكر؛ سجد وجوبًا، إن قرب زمنه. انتهى.
وكيفية سجود السهو في هذه الحال؛ أن يكبر للسجود، والرفع منه، فإذا سجد السجدتين، تشهّد، ثم سلّم، وبعض أهل العلم يرى أنه يسلم بلا تشهّد، قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: متى سجد للسهو، فإنه يكبر للسجود، والرفع منه، سواءً كان محلّه قبل السلام، أو بعده، فإن كان قبل السلام، سلّم عقبه، وإن كان بعده، تشهد، وسلم، سواءً كان محلّه بعد السلام، أو كان قبل السلام، فنسيه إلى ما بعده، وبهذا قال ابن مسعود، والنخعي، وقتادة، والحكم، وحماد، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي في التشهد، والتسليم، وقال أنسٌ، والحسن، وعطاء: ليس فيهما تشهد، ولا تسليم، وقال ابن سيرين، وابن المنذر: فيهما تسليم بغير تشهدٍ. انتهى. وراجعي الفتوى: 289183.
وأمّا إذا طال الفصل بعد السلام، أو حصل حدث له؛ فلا يسجد، وصلاته صحيحةٌ عند جمهور العلماء، قال ابن قدامة -رحمه الله - في المغني: وإذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل؛ لم تبطل الصلاة، وبذلك قال الشافعي، وأصحاب الرأي. انتهى. وراجعي الفتوى: 139262.
والله أعلم.