الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام أن أحد الورثة يطالب بحقه في العقار الموروث، ولا يمكن إعطاؤه حقه إلا بالبيع، فالواجب بيع المنزل، وإعطاؤه حقه، كما فصلناه في الفتوى: 104153.
وأما ما مضى من تأخير قسمة العقار، وهل يحرم عليك ذلك، لكون التأخير وقع بطلبك، وادعاء أختك أنه لم يقع بعلمها؟ هذا لا بد فيه من النظر في سكوتها طوال تلك المدة لمَ لمْ تطالب بحقها، ما دام أنها لم تستشر في تأخير القسمة؟ وقد ذكر أهل العلم أن الأصل في السكوت أنه لا يعتبر إذناً، لكن إذا احتفت به القرائن كان دليلاً على الرضا.
قال الزركشي: السُّكُوتُ بِمُجَرَّدِهِ يُنَزَّل مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِالنُّطْقِ فِي حَقِّ مَنْ تَجِبُ لَهُ الْعِصْمَةُ، أَمَّا غَيْرُ الْمَعْصُومِ، فَالأْصْل أَنَّهُ لاَ يُنَزَّل مَنْزِلَةَ نُطْقِهِ، إِلاَّ إِذَا قَامَتْ قَرَائِنُ تَدُل عَلَى الرِّضَا، فَيُنَزَّل مَنْزِلَةَ النُّطْقِ. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: لاَ شَكَّ أَنَّ السُّكُوتَ السَّلْبِيَّ لاَ يَكُونُ دَلِيلاً عَلَى الرِّضَاـ أَوْ عَدَمِهِ، وَلِذَلِكَ تَقْضِي الْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ: لاَ يُسْنَدُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ، وَلَكِنَّ السُّكُوتَ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَةِ بَيَانٌ، وَذَلِكَ إِذَا صَاحَبَتْهُ قَرَائِنُ، وَظُرُوفٌ بِحَيْثُ خَلَعَتْ عَلَيْهِ ثَوْبَ الدَّلاَلَةِ عَلَى الرِّضَا. اهـ.
فإذا كان سكوتها طيلة تلك الفترة عن المطالبة بحقها في العقار بمحض اختيارها، مع علمها بحقها، ولم يمنعها من المطالبة مانعٌ من إكراهٍ، أو خوفٍ من عُرفٍ جارٍ، أو حياءٍ، فهذا السكوت يعتبر رضاً منها بتأخير القسمة، ومثل هذه الأمور لا بد فيها من سماع أطراف النزاع، ومعرفة تفاصيل التأخير، حتى نحكم بما يترتب عليه من إثمٍ، أو تعويضٍ عن ضررٍ.
والله أعلم.