الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله عز وجل ما خلق شيئاً إلا بحكمة، وقدره سبحانه حكمة كله، فهو العليم الحكيم، وقد قدر الله تعالى أن يعود الإسلام غريباً كما بدأ، وأن ينقسم الناس إلى حزبين: حزب الرحمن وحزب الشيطان، قال عز وجل: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك، وقال مبيناً بعض الحكمة من ذلك: وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (محمد:4)، فبين عز وجل أن من حكمة بقاء خندق الكفر في مقابل خندق الإيمان، إقامة الجهاد ونيل فضل درجاته، وابتلاء المؤمنين بذلك، قال تعالى:
الم*أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (العنكبوت:1-2)
وفي هذا يقول ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: فإنه سبحانه لا يخلق شراً محضاً من جميع الوجوه والاعتبارات، فإن حكمته تأبى ذلك، بل قد يكون ذلك المخلوق شراً ومفسدة ببعض الاعتبارات، وفي خلقه مصالح وحكم باعتبارات أُخر أرجح من اعتبارات مفاسده، بل الواقع منحصر في ذلك. ا.هـ
وما ذكرناه هنا حكمة من الحكم، وإلا فالحكم من ذلك كثيرة علمها من علمها، وجهلها من جهلها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2847/5492/17639.
والله أعلم.