الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن المفتى به عندنا في صوت المرأة أنه ليس بعورة، وإنما عليها أن تجتنب الخضوع به، أو ترخيمه مما يستدعي تلذذ الرجال بسماعه، ويدل لهذا قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ من وراء حجاب {الأحزاب: 53}. وقوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً {الأحزاب: 32}.
وقال الغزالي في الإحياء: وصوت المرأة في غير الغناء ليس بعورة، فلم تزل النساء في زمن الصحابة -رضي الله عنهم- يكلمن الرجال في السلام، والاستفتاء، والسؤال والمشاورة، وغير ذلك، ولكن للغناء مزيد أثر في تحريك الشهوة. اهــ.
والذي فهمناه من قولك التعليق الصوتي القراءة المجردة لقصص الأطفال، وليس التعليق على الأحداث والتفاعل معها مما يستدعي رفع الصوت، فإن كنت تعنين مجرد تسجيل الصوت في قراءة قصص الأطفال؛ فلا نرى مانعًا من عمل المرأة في التسجيل الصوتي، وقراءة القصص، مع خلو القراءة من الترنم والخضوع بالصوت وترقيقه.
جاء في الموسوعة الفقهية: الصَّوْتَ إمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَوْزُونٍ وَلاَ مُطْرِبٍ، أَوْ يَكُونُ مُطْرِبًا. فَإِنْ كَانَ الصَّوْتُ غَيْرَ مُطْرِبٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ صَوْتَ رَجُلٍ أَوْ صَوْتَ امْرَأَةٍ، فَإِنْ كَانَ صَوْتَ رَجُلٍ: فَلاَ قَائِل بِتَحْرِيمِ اسْتِمَاعِهِ. أَمَّا إنْ كَانَ صَوْتَ امْرَأَةٍ، فَإِنْ كَانَ السَّامِعُ يَتَلَذَّذُ بِهِ، أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فِتْنَةً حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِمَاعُهُ، وَإِلاَّ فَلاَ يَحْرُمُ، وَيُحْمَل اسْتِمَاعُ الصَّحَابَةِ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- أَصْوَاتَ النِّسَاءِ حِينَ مُحَادَثَتِهِنَّ عَلَى هَذَا، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَرْخِيمُ الصَّوْتِ، وَتَنْغِيمُهُ، وَتَلْيِينُهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ إثَارَةِ الْفِتْنَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْل فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}. اهــ.
والله أعلم.