الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام زوجك مالكا للبيوت ملكا صحيحا؛ فلا حقّ لك في شيء منها؛ إلا أن يتبرع لك بشيء عن طيب نفس. وإنفاقك على الأولاد وتعليمهم ونحو ذلك؛ لا يجعل لك الحقّ في أملاك الزوج، لكن إذا كنت أنفقتِ على نفسك، أو على زوجك غير متبرعة، ولكن ناوية الرجوع بها على الزوج، فلكِ إذا حلفتِ على ذلك؛ أن تأخذي من زوجك ما أنفقتِه بالمعروف.
جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل: ...لم يختلف قول مالك إن الرجل إذا أكل مال زوجته وهي تنظر ولا تغير، أو أنفقت عليه، ثم طلبته بذلك أن ذلك لها، وإن كان عديما في حال الإنفاق، ويقضى لها عليه بعد يمينها أنها لم تنفق، ولا تتركه يأكل إلا لترجع عليه بحقها. انتهى.
وأمّا النفقة على الأولاد؛ فلا حقّ لك في الرجوع بها؛ إلا إذا كان الأب موسرا، أو كان للأولاد مال تعذر الإنفاق منه.
جاء في مختصر خليل: ورجعت بما أنفقت عليه غير سرف، وإن معسرا، كمنفق على أجنبي، إلا لصلة، وعلى الصغير إن كان له مال علمه المنفق، وحلف أنه أنفق ليرجع. انتهى.
قال الخرشي -رحمه الله-: والمعنى أن من أنفق على صغير، فلا يرجع إلا بشروط أن يكون له مال حين الإنفاق، وعلمه المنفق، ويتعذر الإنفاق منه؛ كعرض، أو عين ليست بيد المنفق، ويعسر الوصول إليها، وأن ينوي المنفق الرجوع، وحلف أنه أنفق ليرجع، وأن يبقى ذلك المال لا إن تلف وتجدد غيره، وأن لا يكون سرفا. ابن رشد. والأب الموسر كالمال انتهى. أي فلا بد من علمه به وبأنه موسر، ويستمر يساره إلى حين الرجوع. انتهى من شرح الخرشي على مختصر خليل.
واعلمي أنّ المرأة منهية عن سؤال الطلاق لغير مسوّغ، والطلاق وإن كان مباحا عند الحاجة؛ إلا أنّه في الأصل مبغوض شرعا؛ فلا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا استطاع الزوجان الإصلاح، والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق.
وانظري الفتوى: 94320.
والله أعلم.