الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان أن الراجح في مسألة نقل الأعضاء من الأحياء هو الجواز؛ بشرط عدم تضرّر المتبرّع، وأن يكون طالب العضو في حالة اضطرار له، وأن يغلب على الظنّ نجاح عملية الزرع، فراجع في ذلك الفتاوى: 1500، 36345، 11667.
وعليه؛ فإذا كنت تخشى على نفسك من الضرر جراء التبرّع، ورفضت التبرّع لأجل ذلك؛ فلا حرج عليك، ولا تأثم لعدم وفائك لصديقك بالتبرّع.
أما إذا استشرت عددًا من الأطباء الأكفاء الثقات، فأشاروا عليك بالتبرّع بجزء من كبدك، وأنه لا ضرر عليك؛ فتوكّل على الله، وتبرّع لصديقك، فلعلك تكون سببًا في شفائه.
ولو أصابك مكروه جرّاء التبرّع بعد استشارة الأطباء، فلا تأثم من جهة أولادك.
وليس من حقوق الزوجة على الزوج استشارتها في مثل هذه الأمور، ولكن الأولى استشارتها، ومناقشتها في هذا الأمر؛ فإنه بذلك يطيب خاطرها، وتقوى به العِشرة، ويكتسب به مودّتها، ثم إنها قد تشير عليك بما هو أنفع وأصلح، كما فعلت أم سلمة -رضي الله عنها- حين استشارها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى: 27912.
والله أعلم.