الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن بر الوالدين من آكد الواجبات وأكثرها ثواباً عند الله تعالى، ففي الصحيحين من حديث عبد الله أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله... الحديث.
وليس لبر الوالدين وطاعتهما مرحلة من العمر يسقطان عندها، بل واجب على المسلم كيفما بلغت سنه أن يطيعهما في كل معروف، ما لم يأمرا بمعصية أو بما فيه ضرر، وإن أمرا بشيء من ذلك فلا طاعة لهما حينئذ، روى الشيخان من حديث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف.
وبناء على هذا؛ فما دمت على يقين من أن والدك لن يوافق على تحويلك من طالب منتظم إلى طالب منتسب، فما كان ينبغي أن تقدم على فعل ذلك، إلا إذا كنت تجد ضرراً في كونك منتظماً.
وأما الآن وقد فعلت ما فعلت، فالصواب أن تراجع الأمر، وتعرضه على أبيك، فإن أمضاه فذاك، وإن لم يقبله وكان ممكناً تداركه من غير أذى يلحقك فافعل ما يرضي أباك، وباعد معصيته وإغضابه تفز في كلا الدارين، وإن لم يكن تداركه ممكناً فاعتذر لأبيك عما صدر منك، وأقنعه بتوبتك منه وأنك لن تعود إلى فعل ما لا يرضيه، وبالغ في التودد له، والتقرب حتى يرضى.
والله أعلم.