الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعني أنك وقت شراء الأرض نويت بناء شقق عليها للبيع، وبناء محلات للتأجير، فها هنا احتمالان:
أولهما: أن لا تميز الأرض التي للمحلات، والأرض التي للشقق، كأن تريد أن تبنيها أدوارًا: المحلات من تحت، والشقق من فوق؛ ففي هذه الحال تعتبر قد جمعت في هذه النية بين التجارة وبين القنية؛ التجارة في الشقق التي تريد أن تبيعها، وبين القنية للمحلات التي تريد غلّتها.
وقد اختلف الفقهاء فيما اشتري للقنية والتجارة لأيهما يكون، فقال بعضهم: هو للتجارة، فيزكّيه زكاة عروض التجارة، وقال آخرون: هو للقنية، ولا زكاة فيه، قال ابن جزي في القوانين الفقهية: وتنقسم الْعرُوض إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام:
للْقنية خَالِصًا: فَلَا زَكَاة فِيهِ، إِجْمَاعًا.
وللتجارة خَالِصًا: فَفِيهِ الزَّكَاة، خلافًا للظاهرية.
وللقنية وَالتِّجَارَة: فَلَا زَكَاة فِيهِ، خلافًا لأَشْهَب...اهــ مختصرًا.
وفي التاج والإكليل: وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَى لِوَجْهَيْنِ: لِلْقِنْيَةِ، وَالتِّجَارَةِ، فَغَلَّبَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِنْيَةَ، وَغَلَّبَ أَشْهَبُ التِّجَارَةَ. اهــ.
جاء في روضة المستبين في شرح كتاب التلقين لابن بزيزة المالكي ــ ت 673 هــ ــ: وفي المشتري للتجارة والقنية قولان، كمن اشترى جارية للوطء والتجارة معًا، فقيل: يغلّب باب التجارة؛ ترجيحًا لحق الله عز وجل، وقيل: تلحق بعروض القنية، ومبناه على اجتماع موجِب ومسقِط؛ فيقع النظر أيهما يغلب. اهــ.
ولا شك أن الأحوط والأبرأ لذمّتك أن تزكي الأرض زكاة عروض التجارة، ولكن على قول المالكية تعتبر محتكرًا لا مديرًا، فتزكّيها عند بيعها لسنة واحدة.
ثانيهما: أن تكون ميَّزت الأرض التي للشقق، والأرض التي للمحلات؛ فتلزمك زكاة الأرض التي عيّنتها للشقق؛ لأنها عرض تجارة، ولا زكاة عليك في الأرض التي عيّنتها للمحلات.
والله أعلم.