الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه القصة ذكرها المحب الطبري في كتابه: "الرياض النضرة في مناقب العشرة". وقد أتى بهذه القصة بلا سند، وبصيغة التمريض أيضا (رُوي) وهذا لفظها:
ورُوِي أن عمر بن الخطاب أتى إلى زوجة أبي بكر بعد موته، فسألها عن أعمال أبي بكر في بيته، ما كانت؟ فأخبرته بقيامه في الليل، وأعمال كان يعملها, ثم قالت: إلا أنه كان في كل ليلة جمعة يتوضأ، ويصلي العشاء, ثم يجلس مستقبلا القبلة رأسه على ركبتيه, فإذا كان وقت السحر رفع رأسه، وتنفس الصعداء، فيشم في البيت روائح كبد مشوي, فبكى عمر، وقال: أنَّى لابن الخطاب بكبد مشوي. خرجه الملاء في سيرته. اهـ
وقول محب الدين الطبري: خرجه الملاء في سيرته. ربما يقصد به الملا: عمر بن محمد الموصلي المتوفى سنة (570 هـ) وكتابه (وسيلة المتعبدين في سيرة سيد المرسلين).
وقد قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ولم نذكر من لا يروي بإسناد -مثل كتاب (وسيلة المتعبدين لعمر الملا الموصلي، وكتاب (الفردوس لشهريار الديلمي وأمثال ذلك- فإن هؤلاء دون هؤلاء الطبقات؛ وفيما يذكرونه من الأكاذيب أمر كبير. اهـ
وفي كتاب: (مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان) لأبي محمد: عفيف الدين اليافعي (المتوفى: 768هـ): وما جاء أنه كان إذا تنفس يشم منه رائحة الكبد المشوية. اهـ.
فقد ذكر هذا الأثر بدون إسناد أيضا.
فتبين مما سبق أن الرواية المسؤول عنها لا يثبت لها سند بناء على ما وقفنا عليه من كلام أهل العلم.
والله أعلم.