الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج الصحيح له شروطه التي يجب أن تتوفر فيه، ومن أهم هذه الشروط: الولي والشهود، وراجع الفتوى: 1766
فلا يصح الزواج إن لم يكن بإذن الولي، وحضور الشهود. وراجع الفتويين: 280042، 411490.
وإذا كانت هذه الفتاة كتابية عفيفة، فزواجك منها جائز، ويكون وليها من أهل دينها. وإن لم يتمكَّن وليها من الحضور في مجلس العقد، فيمكنه أن يوكل من أهل دينه من يتولى تزويجها، ولا بأس بأن يكون التوكيل بالهاتف مثلا، فهذا التوكيل جائز، كما هو مبين في الفتوى: 56665، وتجد فيها قرار مجمع الفقه الإسلامي بهذا الخصوص.
ويشترط في شهود النكاح الذكورة، فلا تقبل شهادة النساء على الراجح، ولذلك لا تصح شهادة أمها أو أختها، وكذلك لا تصح شهادة أخيها إن كان هو المتولي للعقد.
وراجع للمزيد، الفتوى: 374995، والفتوى: 267280.
ويشترط أيضا في الشهود أن يكونوا مسلمين ولو كانت الزوجة كتابية، على الراجح، فلا تصح في هذه الحالة شهادة غير المسلمين.
فإن لم تجد من يشهد من المسلمين إلا بعد الرجوع للمدينة، فيمكنك أن تعقد عليها بحضور وليها أو وكيله، وتؤجل الإشهاد إلى ما قبل الدخول. عملا بمذهب المالكية، فإنهم يرون أن الشهادة عند عقد الزواج مستحبة، وتجب عند الدخول، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 458302.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد ذهب أبو حنيفة إلى صحة الزواج بشهادة كتابيين في زواج المسلم من الكتابية.
فيمكن عند الحاجة الأخذ بهذا القول، فقد نص أهل العلم على جواز الأخذ بالرخصة في المسائل الاجتهادية عند الحاجة، دفعا للحرج، من غير قصد تتبع الرخص.
قال السبكي في الإبهاج شرح المنهاج: يجوز التقليد للجاهل، والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة، من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال: الاختلاف رحمة؛ إذ الرخص رحمة. اهـ.
وننبهك إلى أن هذه الفتاة أجنبية عنك، فيجب عليك التعامل معها على هذا الأساس، واجتناب أسباب الفتنة حتى يعقد لك عليها العقد الشرعي. وإن لم يتيسر لك الزواج منها، فاقطع كل علاقة لك بها؛ ليسلم لك دينك وعرضك، فالسلامة لا يعدلها شيء.
والله أعلم.