الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعبارة: (وقف لله تعالى) المكتوبة على الكتب، تعني أنها لا تباع، ولا يلزم منها أن توقف على المسجد!
فهذا الحكم لا يستفاد من هذه العبارة وحدها، بل من شرط الواقف. فإن جهل الشرط، فالأصل البراءة وعدم اللزوم.
قال الجويني في «غياث الأمم»: كل ما أشكل وجوبه، فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص المعينين، فهذا منتهى المقصود فيما يتعلق بالأملاك من المعاملات، والحقوق الخاصة والعامة. اهـ.
وقال العز بن عبد السلام في «قواعد الأحكام»: لو شك هل لزمه شيء من ذلك، أو لزمه دين في ذمته، أو عين في ذمته، أو شك في عتق أمته، أو طلاق زوجته، أو شك في نذر، أو شيء مما ذكرناه، فلا يلزمه شيء من ذلك؛ لأن الأصل براءة ذمته، فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ.
ثم إنه لو افترضنا ثبوت وقف الكتب على المسجد، فإنه يجب بقاؤها فيه، حتى الواقف نفسه لا يستطيع تغيير الوقف، فقد انتقل عنه الملك بالوقف، وصار على ملك الله تعالى. ولكن إن تعطلت مصالح الوقف، جاز على الراجح استبداله بغيره. وراجع في ذلك الفتاوى: 6609، 110727، 107708.
فإن كانت الكتب في المسجد الموقوف عليه لا تقرأ، ولا يستفيد منها أحد، فلتنقل إلى مسجد آخر.
والله أعلم.