الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أنكحة غير المسلمين تتعلق بها أحكام النكاح الصحيح، سواء في أصل أحكام النكاح، أو في أحكام الفرقة كالطلاق ونحوه.
وعليه فلا يجوز لك نكاح هذه المرأة ما دامت في عصمة زوجها حتى يفارقها بطلاق، أو فسخ، وتنقضي عدتها منه.
قال ابن قدامة في المغني: وأنكحة الكفار تتعلق بها أحكام النكاح الصحيح، من وقوع الطلاق، والظهار، والإيلاء...
وقال: وتجب العدة على الذمية من الذمي، والمسلم. انتهى.
وإبطال عقد الزواج الذي أشرت إليه لا ندري ما هي حقيقته.
وعلى كل حال؛ عليك الحذر من الزواج منها قبل التأكد من زوال المانع الشرعي، والمانع القانوني؛ فقد يزول المانع الشرعي، ولكن تعتبر في عرف القانون زوجة له، فإقدامك على نكاحها والحالة هذه موجب للحرج، ومن فطنة المسلم وكمال عقله أن يجتنب ما يوقعه في الحرج. روى الطبراني، وغيره، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إياك وما يعتذر منه.
وعلى وجه العموم، فإن الولي شرط لصحة نكاح المرأة على الراجح من أقوال الفقهاء، مسلمة كانت هذه المرأة أم كتابية، بكرا كانت أم ثيبا. ويزوج المرأة الكتابية وليها من أهل دينها، فإن لم يوجد لها، ولي زوجها أساقفتهم، فإن لم يوجدوا زوجها السلطان، أو من يقوم مقامه.
جاء في التاج والإكليل: وأما الكافرة فيزوجها وليها الكافر ولو لمسلم، فإن لم يكن للكافرة ولي خاص كافر فأساقفتهم، فإن امتنعوا ورفعت أمرها للسلطان جبرهم على تزويجها؛ لأنه من رفع التظالم، ولا يجبرهم على تزويجها من خصوص مسلم. انتهى.
وننبه إلى أنه يحسن بالمسلم بكل حال الزواج من امرأة مسلمة صالحة، تعينه على أمر دينه، وتربي أولادها منه على عقيدة وأخلاق الإسلام. فالزواج من الكتابية لا يخلو من مفاسد، سبق ذكر بعضها في الفتويين: 5315، 124180.
والله أعلم.